ميدان التحرير بالقاهرة عاد لواجهة الأحداث مجدداً
القاهرة، مصر (CNN)-- شهد ميدان التحرير في وسط العاصمة المصرية القاهرة عودة
عشرات آلاف المحتجين الجمعة، ضمن مظاهرة مليونية دعا إليها شباب "ثورة 25 يناير"،
للتأكيد على مطالب الإصلاح، وشهد التحرك دعوات لمصادرة أموال الرئيس المتنحي، حسني
مبارك، وعائلته، وكذلك حل الحزب الوطني الذي أعلنت السلطات أن مقره قد
يهدم.
وطالب المحتشدون في الميدان المجلس العسكري الذي يشرف على إدارة البلاد حالياً
بمحاكمة مبارك، ومصادرة جميع أمواله وأموال وزوجته ونجليهما وزوجتيهما، ورد تلك
المبالغ إلى خزينة الدولة "باعتبارها من أموال الشعب، ومحاكمة رموز النظام السابق
ومصادرة أموالهم أيضا لصالح الشعب الكادح."
وبحسب وكالة الأنباء المصرية الرسمية، فقد رفع المحتشدون العديد من الهتافات
المعبرة عن مطلبهم، من بينها (الشعب يريد محاكمة الرئيس) و(مبارك.. عايزين فلوسنا)
و(الشعب يريد فلوس الرئيس.)
وشهد الميدان إقامة شعائر صلاة الجمعة، وخطب بالمحتشدين الشيخ محمد جبريل، الذي
دعا إلى ما وصفه بـ"تدمير الحزب الوطني الفاسد" بعد عقود من تحكمه بمفاصل
السلطة.
واتهم جبريل الحزب الوطني بتزوير الانتخابات البرلمانية في كافة المحافظات، ودعا
إلى إقالة وزير الداخلية الحالي لأنه "تم تعيينه في النظام السابق، كما طالب الشرطة
بإغلاق ملف الاعتقالات واغتيال دماء الشهداء."
كما أعرب عن تضامن كافة الشعب المصري مع الشعب الليبي، مطالبا الليبيين
بـ"الصمود في سبيل الحق حتى يتم تحقيق مطالبهم" وختم خطبته بالدعاء لـ"حفظ دماء
الإخوة في ليبيا"، وقال "اللهم انتقم من (الزعيم الليبي العقيد معمر) القذافي."
من جانبه، قال عبد العظيم وزير، محافظ القاهرة، إن المؤشرات الهندسية للمعاينات
التي تمت على مباني الأمانة العامة للحزب الوطني والمجالس المتخصصة والمجلس القومي
للمرأة بعد الحرائق التي تعرضت لها "تشير إلى احتمالية عدم صلاحية المباني وترميمها
وحتمية هدمها."
وأضاف وزير أن الأرض التي أقيمت عليها الأبنية "ملك لمحافظة القاهرة،" ووعد
بتحويل المواقع إلى "مسطحات خضراء تضم إلى ميدان التحرير."
وقد شهد الساحة قيام المحتجين بمطالبة المجلس العسكري إقالة حكومة "تصريف
الأعمال"، التي يرأسها أحمد شفيق، وتشكيل حكومة انتقالية جديدة من "التكنوقراط
الوطنيين المستقلين"، والتخلص من "بقايا النظام السابق"، وإلغاء حالة الطوارئ،
المعمول بها منذ 30 عاماً، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
كما تتضمن مطالب المتظاهرين، الذين خرجوا إلى ميدان "التحرير"، بعد مرور شهر على
تفجر "ثورة 25 يناير" في نفس الميدان، والتي أجبرت الرئيس السابق، حسني مبارك، إلى
التخلي عن السلطة بعد 30 عاماً قضاها في الحكم، حل جهاز أمن الدولة.
ويطالب المتظاهرون أيضاً بتشكيل لجان قضائية مستقلة "مطلقة الصلاحيات، للإسراع
في محاسبة المتورطين في قتل الثوار وتعذيبهم، والمتسببين في الفساد الذي تفشى في
الحقبة السابقة.
وكان بيان لما يُعرف بـ"ائتلاف شباب الثورة" في مصر، قد حذر من أن "التباطؤ في
تنفيذ المطالب السياسية المشروعة لجموع الشعب المصري، قد يؤدي إلى المزيد من
الاحتقان، وعدم استقرار الأوضاع"، وشدد في الوقت نفسه على "مصرية الثورة ووطنيتها
وعدم احتكار أي فصيل لها."
وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد حذر، قبل أسبوع، من تنظيم المزيد من
الوقفات الاحتجاجية، وتوعد بالتصدي لتلك الاحتجاجات، والتي وصفها بأنها "ممارسات
غير مشروعة"، معتبراً أنه تتضمن "خطورة جسيمة" على الوطن.
وأشار مصدر عسكري، في بيان رسمي، إلى أن التحذير من تنظيم المزيد من الوقفات
الاحتجاجية يأتي "في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، وحرص المجلس الأعلى
للقوات المسلحة على المكاسب المشروعة للمواطنين."
وكان الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، قد أعلن تنحيه عن السلطة في 11 فبراير/
شباط الجاري، تحت وقع ثورة شعبية استمرت طيلة 18 يوماً، تمسك خلالها المحتجون بمطلب
رحيله، رغم اتخاذه لعدد من التدابير في محاولة لتهدئة الشارع، منها تعيين أول نائب
له منذ توليه السلطة عام 1982.
وتعمل السلطات المصرية حالياً على ملاحقة ثروة الرئيس السابق، وأفراد أسرته في
الخارج، وطلبت من الدول الأجنبية تجميد الحسابات والأرصدة لديها والخاصة به وزوجته
سوزان ونجليه علاء وجمال وزوجيتهما